كتب /حسني داخلي محمد
القاهرة – أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن التكامل الإقليمي بين دول قارة أفريقيا لم يعد خيارًا أو رفاهية، بل أصبح ضرورة استراتيجية لا غنى عنها لتحقيق التنمية الاقتصادية ومواجهة التحديات التي تعترض مسيرة القارة.
جاء ذلك خلال الكلمة الافتتاحية التي ألقتها الوزيرة، نيابة عن رئيس مجلس الوزراء، في المؤتمر الاقتصادي المصري الأفريقي الأول الذي نظمته صحيفة “الأهرام إبدو” تحت عنوان “أفريقيا التي نريدها: تكامل وشراكة من أجل المستقبل”، بحضور عدد من كبار المسؤولين والوزراء السابقين ورؤساء الهيئات الإعلامية والسفراء.
مواجهة التحديات بحوكمة مالية شاملة
وأوضحت “المشاط” أن القارة الأفريقية تواجه لحظة فارقة مع تداخل التحديات العالمية مثل التوترات الجيوسياسية، واضطرابات سلاسل الإمداد، والتغيرات المناخية، وارتفاع مستويات الديون. وأكدت أن مواجهة هذه التحديات تتطلب تكاملاً أفريقياً راسخاً ونهجاً متعدد الأطراف، مشيرة إلى حرص مصر خلال قمة مجموعة العشرين على الدفع نحو “حوكمة مالية دولية أكثر شمولاً” لتيسير حصول دول القارة على التمويل الميسر وأدوات التمويل غير المرتبطة بالديون.
توجيهات رئاسية مستمرة بدفع التكامل
ولفتت الوزيرة إلى توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي المستمرة بتعزيز التكامل مع أشقائها في القارة، مشيرة إلى أن هذا التوجه يشكل محوراً أساسياً في سياسة مصر الخارجية. واستعرضت جهود مصر خلال رئاستها للجنة التوجيهية لوكالة “النيباد” (2023-2025) لإيجاد حلول جذرية للأزمات التي تواجه القارة وتسريع وتيرة تنفيذ أجندة أفريقيا ٢٠٦٣.
مبادرات مصرية على الأرض
وأبرزت “المشاط” أن إسهام مصر لا يقتصر على السياسات والمبادرات، بل يمتد إلى مشروعات جوهرية تنفذها شركات مصرية في العديد من الدول الأفريقية في مجالات البنية التحتية والطرق والسدود والطاقة، مؤكدة أن هذه المشروعات أصبحت ركيزة يعتمد عليها الأشقاء من شرق القارة إلى غربها.
كما أشارت إلى قيام مصر بنقل خبراتها التنموية الناجحة، مثل مبادرة “حياة كريمة” وبرنامج “نُوفّي” للمحاسبة الاجتماعية، إلى دول أفريقية شقيقة مثل تنزانيا، في إطار استراتيجية مصرية أطلقتها عام 2024 لتعزيز التعاون بين دول الجنوب.
الدبلوماسية الاقتصادية ومنطقة قناة السويس
واستعرضت الوزيرة الإطار الذي طرحته مصر للتعاون الدولي والقائم على “الدبلوماسية الاقتصادية”، والذي تم توثيقه في كتاب بكلية لندن للاقتصاد، كأحد الأدوات الفعالة لتعزيز الشراكات وحشد الموارد.
وأكدت أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تطورت لتصبح منصة لوجستية عالمية وفرصة استثمارية هامة تفتح آفاقاً جديدة لتعزيز التجارة والاستثمارات البينية بين دول أفريقيا، خاصة في ظل اتفاقية التجارة الحرة القارية.
مطالبة بتمثيل أكبر في مؤسسات التمويل
وفي المحافل الدولية، أكدت “المشاط” أن مصر تواصل الدفع بأجندة التنمية الأفريقية والمطالبة بتمثيل أكبر لدول القارة داخل مؤسسات التمويل الدولية متعددة الأطراف، مثل صندوق النقد والبنك الدوليين، كجزء أساسي من إصلاح النظام المالي العالمي.
تكريم لجهود الوزيرة
وفي ختام فعاليات المؤتمر، كرمت مؤسسة الأهرام الدكتورة رانيا المشاط تقديراً لجهودها المتميزة في تعزيز الدبلوماسية الاقتصادية بين مصر وقارة أفريقيا، وإصدارها السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية التي توثق مسيرة مصر التنموية.
واختتمت الوزيرة كلمتها بالقول: “إن «أفريقيا التي نريدها» ليست هدفًا بعيدًا؛ إنها رؤية قابلة للتحقق، إذا أحسنّا استغلال الإمكانيات الهائلة التي تتمتع بها القارة، واستطعنا تفعيل شراكات عادلة“.

















